الحواملَ الفكريةَ والتخطيطيةَ للتوجه
الجلالي يستعرض الحواملَ الفكريةَ والتخطيطيةَ للتوجه لأن يكون البيانُ الوزاريُّ شفافاً وواقعياً، وأن يكون بيانَ الممكن لا بيانَ المأمول:
-ثمة أزمةٌ مركبّةُ وواقعٌ معقَّد أمام الحكومة، وهناك إشكالياتٌ خارجية المنشأ، وإشكالياتٌ داخلية تتعلق بشكل خاص بكيفية إدارة الموارد الوطنية، فالحكومة مسؤولةٌ عن كفاءة معالجة الإشكاليات الداخلية، ومسؤولةٌ عن كفاءة إدارة هذه الموارد وعن تخصيصها وإعادة تخصيصها بما يحقق العائدَ الأمثلَ منها. فإذ لا يمكننا القول بأن الحكومة ستكون قادرة على توفير التغذية الكهربائية بشكل مستمر لكافة القطاعات، بسبب عدم توفر ما يكفي من مدخلات توليد الكهرباء، فإن الحكومة يجب أن تكون مسؤولةً عن أي هدر أو فسادٍ قائمٍ أو محتملٍ في توزيع أي كميات متوفرة من الطاقة الكهربائية.
-ثمة محدوديةٌ واضحةٌ في الموارد المالية للدولة، تترافق مع تنامي عجز الموازنة العامة للدولة إلى مستويات غير مسبوقة، وهي حالة وإن بدت تعكس خللاً في مقاييس المال والاقتصاد، فإنها تبدو طبيعيةً في موازين “المنطق” لبلدٍ لا يزال يعيش حرباً وجوديةً منذ ما يقارب ثلاثةَ عشرَ عاماً، ويعيش في بيئةٍ مضطربةٍ تهدد الاستقرار العالميَّ وليس الإقليميَّ فحسب. في ظل هذا الواقع، لن يكون أمام الحكومة مساحةٌ واسعةٌ لخلق الموارد الإضافية لتمويل مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على وضعها الراهن. فلن يكون هناك قدرةٌ على مضاعفة الرواتب والأجور أو زيادتِها إلى مستوياتٍ تلبي رغبات المواطنين ورغباتِنا العاطفيةِ والنفسيةِ، فالتمويل بالعجز ليس مصدراً آمناً ومستداماً لتمويل التنمية في مثل حالتنا، ما لم يترافق بنموٍّ ملموسٍ في معدلات الاستثمار والإنتاج، بل إنه سيؤدي إلى نتائجَ عكسيةٍ سنكون حريصين على عدم الانجرار إليها تحت أي ظرفٍ كان. فالحقيقة المرّة أسلمُ من الوهم المريح.