في سورية مازالت بوادر التضحية، والمبادرات الطيبة والخيرة متجذرة، حيث تستلهم معينها من موروث هذا البلد المتجذر في العطاء.
في كل يوم نرصد صور ناصعة لايادٍ بيضاء ترى أن مصلحة الوطن فوق كل مصلحة، وتعمل ليس بالأجر الذي تأخذه إنما بالأخلاق التي تربت عليها.
الصورة اليوم ننقلها لكم من ريف حلب الشرقي وتحديدا من مشروع مياه خان الشعر هذا المشروع الذي يروي ٤٥ قرية وتجمعا سكانيا، ويأخذ المياه من بحيرة الأسد على نهر الفرات،
في ظل الصعوبات وقلة الموارد، وندرة قطع التبديل، وأمام حاجة الناس لمياه الشرب،
قام الميكانيكي علي الموسى المشرف على المشروع وبمبادرة ذاتية ودون أن يكون محملا بواجب قانوني أو وظيفي بإصلاح صمام عدم الرجوع في محطة الضخ الذي بقي معطلا لمدة ٢٠ يوميا دون أن تتمكن إدارة المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في حلب من إصلاحه، ليس لتهاونها بل لبعد المكان عن المدينة ١٠٠كم.
وطلب الموسى من مدير الوحدات في مياه حلب أن يسمح له باصلاحه، ولديه الخبرة الكافية لذلك.
وكانت كلفة استبداله تزيد عن ٥ ملايين ليرة سورية.
ولم يكلف الدولة سوى بضع جوانات وزيت وشحم بكلفة لم تتجاوز ١٥٠ألف ليرة.
ليس هذا فحسب إنما قام هذا العامل المثالي بإصلاح المضخة العمودية في المحطة والتي رصد لها ١٠ ملايين ليرة سورية، لأن أجرة نقلها إلى حلب ذهابا وايابا تكلف ٣ ملايين ليرة سورية.
واستطاع الموسى أن يصلحها بكلفة لا تتجاوز ١٠٠ألف ليرة سورية.
عندما وصلتنا تلك المعلومات زرنا هذا المشروع وابلغنا علي الموسى أن هناك انخفاض في منسوب البحيرة يصل الى ٦ أمتار، وهذا فرض عليهم العمل على تعديل أنابيب السحب للمضخات.
وعما إذا كانت هذه المبادرات تلقى دعم الإدارة أكد الموسى أن مدير الوحدات في المؤسسة والمدير العام الحالي يدعمون أي مبادرة لأنها تصب في الصالح العام.
أخيرا: سلطنا الضوء على هذه المبادرة بهدف تشجيع المبادرات الأخرى من جهة، ولتكريم أصحاب الأيدي النظيفة، والتي نتمنى على التنظيم النقابي العمالي وإدارة المؤسسة تكريم هذه المبادرات إن لم يكن ماديا فعلى الأقل معنويا.